بطونٌ خاوية وأخوةٌ بالية.


 مقال شهر صفر

بطونٌ خاوية وأخوّةٌ بالية.


هل باتت الأمة الإسلامية بأجمعها جوعى؟

من الذي أقنع مليارين من العقول بأنه لا شيء يُفعل؟

نعم، بدأت المقال بالسؤال، ولعلمي هذا غريب عجيب، وليس هناك أغرب ولا أعجب من حالنا اليوم، فهؤلاء إخواننا نتكالب عليهم قبل عدوهم بالحصار، بل بالفتكِ والتجويع، فينقلبون صرعى من شدة الجوع، فلا لهم عونٌ في المأكل والمشرب، ولا عونٌ بالسلاح، وهنالك مَن حتى فكرة المُقاومة يستحرمها!


هل يجب أن أعتذر؟ فالمقالات لا تُكتب بالعاطفة!

على حد تجاربي تلك، وجب عليَّ الإكمال لا الاعتذار، فذه أمتي التي تدّعي العقل والنبوغ، تتركُ ثلة من إخوانها جوعى، تدّعي التآخي والجسد الواحد، وهي في مجاهدة النفس، والمقاطعة، والدعم المالي، وفك الحصار، ليس لها زاد ولا عاد واحد! فهم يمضون ولا يعملون، ويرون ولا يُبصرون!

كتبنا بالعقل كثيرًا فلم يصل شيء، فقد مكث على القلوب ران، وعلى أنفسنا؟!

لستُ أدري ما علينا…

ولكن، أعلم بأنه تم تجويع الأمة الإسلامية كاملة، ليس غزة فقط!

فنحنُ اليوم جوعى حركةً وانتفاضة …

جوعى مضياً وصدقاً …

جوعى لعملٍ وقوة…

جوعى لأن نكون أمةً واحدة، لا تتصارع على حدود سايكس بيكو، ولا تفتك وتنهش بلحوم بعضها.


أما بعد؛

ما الذي جعلنا هكذا؟

هل هو تدينٌ معقودٌ موروث، اكتفى صاحبه بنطق الشهادة دون علمٍ بمعناها، ولا زادَ له من الإيمان والعمل؟

أم هو طيفٌ مرسوم لعدوٍ غير موجود؟


الذي لم تُحرّكه تلك الشلالات الدامية من دماء الأبرياء، ولم يحرّكه تدنيس الأقصى، ولم تؤلمه صرخات الأطفال، ولا نجدات النساء، ولا آهات الأسرى… ما الذي يحرّكه؟!


إحدانا  تطهو في منزلها لذويها، وإن تأخرت، وتساءلوا متى الطعام؟ ، يتعكّر مزاجها وتُسرع بتحضيره!

فكيف بمن يرى أشبالًا من أمته أو من صلبه، ليس لديهم ما يُقيم عودهم، ولا يُنهضهم، ولا يقويهم، ولا يمدّهم بالزاد؟!

يستنهضون العالم بالإغاثة، ولا مغيث لهم إلا الله!


هذه غزة تصمُد، وتلك مقاومتها تُحارب، وهذا هو إيمانها ثابت!.


ختامًا:

لابد لكل زمن من اصطفاء من الله لعباده، وتمحيصٍ لما في القلوب، وثغورٍ مفتوحة تترقب الإقبال.

وكم من أُناسٍ أخذوا دينًا صلبًا موروثًا، ليس به نورُ الإيمان، ولا حميصة الإسلام، وهناك من أخذه بالعزة والقوة والعلم، من جعلهُ شغله وشاغله.

(والمؤمن يغرس في كل بقعة شتلة لظل أخيه، وإن أُحرقت تلك الشتلة، اشتركوا بلهيب الشمس، ولم يدع تلك الأخوة).


وهذا قولي لمن بقي على ثغر المقاطعة، والنشر، والمال، متمسكًا بثغره، متألمًا لجراح أمته، قد أوفى حق الله عليه في أمته، وقد برّأ نفسه أمام جلالته.

والعُقبى للمتقين، والنصر للحق.


وإنما النصر يُنال بعد كثير من الدماء السارية، والجهود القائمة، والتضحية الواضحة.

فليست الأمة وأمنها وصلاحها، وليس الأقصى، إلا غايةً شريفةً يُفطرُ عليها المرء.

وعسى الله أن يستخدمنا في نصرة دينه، وتحرير بيت مقدسه، وإنقاذ الأحرار من سجون الفجّار، وحُسن التمكين بعد الفتح.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مابين سُكناه ومسراه ﷺ